بعد إنهاء "غرام" محاضراتها،خرجت من الجامعة تتبع رجليها،أعطت القدر حرية الاختيار هذه المرة دون أن تتدخل بشيء، وهي في طريقها إلى البيت ،
وإذ بها ترى حريقًا هائلا وأحدهم يطلب النجدة،اتصلت بسيارة الإسعاف والاطفائية ومن ثمّ هرعت بالفور إلى مكان الصوت، دخلت البيت وإذ بالنار تبتلع كل شجاعتها التي لم تلبث وفارقتها يوما، حركت النار قدميها إلى الخلف وجعلتها تتراجع خطوات كثيرة، ولكنّ صوتًا من بعيد جذبها، أحست أنها تعرف ذاك الصوت، فقد أحيا شجاعتها وأنساها كل ما تملك من خوف في قلبها،وتبعت الصوت الذي تيقنت أنها سمعته يومًا!،ولكن من يكون يا ترى؟!
سارت وفي قلبها العزيمة والإصرار وأخيرا وجدته،انه شاب في بداية العشرينات،لم تتردد لحظة بأن تساعده، حمدًا لله فقد كان على بعد خطوات من النار ولم تلمسه أبدًا،سحبت"غرام" ذاك الشاب وأبعدته عن النار المزيد من الخطوات.
نظرت"غرام" إليه، امتلكها شعور بأنها تعرفه ولكنّ ذاكرتها خانتها في تلك اللحظات ولم تساعدها في تذكر هوية ذاك الشاب. لم تتكلم "غرام" كلمة واحدة،فقط جعلت عينيها تنطقان بما في داخلها،صمتت عيناها قليلا حين سمعت صوت سيارة الإسعاف تتقدم نحوهم والاطفائية تخمد الحريق،كان يتمنى لو تنطق شفتاه بشكرا ولكنه اكتفى بإيماءات توضّح أكثر عن شكره وامتنانه لها!.
خرج رجلان من سيارة الإسعاف ونقلا الشاب المصاب إلى المشفى بالحال،وهو بطريقه للمشفى أحس بفراغ قاحل،تلفت حوله فلم يجدها ثمّ نطقت شفتاه بعفوية وخوف:أين هي؟ قال أحدهم: عمّن تتكلم؟ قال الشاب: عن تلك الفتاة التي جاءت لتنقذني،إلى أين ذهبتم بها؟ قال الرجل: رباه،ربما نسيناها هناك، ولم ننتبه لوجودها.
اتصل بسيارة إسعاف أخرى كي تقلها إلى المشفى،ولكنها تأخرت كثيرا تلك السيارة فقد فات الأوان!.
نقلت "غرام" إلى المشفى بحالة سيئة جدا،نجا ذاك الشاب من الحريق ولم يصب إلا بحروق بسيطة جدا ولكنّ حالة "غرام" تزداد سوءًا.
مرّ اليوم على باقي الفتيات بلا أي جديد يذكر، واستيقظ يوم آخر من حياتهن.
استيقظ ذاك الشاب واستقبلته الممرضة بمجموعة صحف كما طلب منها،مسك الصحيفة وفتحها،فجأة،وإذ به يرى خبر حادثه في أول صفحة.
يا للصدمة،يا للدهشة، ما الذي قرأته وشاهدته عيناه؟يا الهي لم يصدّق عينيه ما رأت فقد كذبها لأول مرة،كل شيء توقعه أن يحصل إلا ذاك الشيء،لقد رأى صورة الفتاة التي أنقذته من الموت وتحتها بخط عريض اسمها،ليته لم يقرأه، ليته لم يطلب من الممرضة صحفا،ليته لا يجيد القراءة...
يتبع في الجزء السابع...
ملاحظة: ما يُكتب في القصة لا يُظهر الآراء الشخصية للكاتبة.